أهرق مداد غزير وسودت ملايين الصفحات، وتكلم المتحدثون والخطباء والساسة والمفكرون، حول ما ينبغي أن يكون عليه حال الترجمة السياسية والاقتصادية لواقع الوحدة الخليجية، لكن كل ذلك لم يأت بنتائج على قدر الطموحات والآمال التي تراود شعوب الخليج العربية في رؤية كيان متكامل سياسيا واقتصاديا، وعلى قدر كاف من الاندماج الذي يحقق مصالح عظمى لبلدانه جميعا دون استثناء· فمجلس التعاون لدول الخليج العربية، كمنظمة إقليمية ظل يعاني من معظم العوائق والسلبيات التي تشل التجمعات الإقليمية العربية الأخرى· فلم يحقق الوحدة الاقتصادية ولم يوفر موقفا سياسيا واحدا ومنسجما لجميع أعضائه حيال القضايا الرئيسية· فقد سارت الوحدة الجمركية في مسار غير سالك وبخطوات بطيئة ولم تبدأ إجراءاتها إلا في سنة ،2003 وما زالت تعتريها نواقص واختلالات، أما الوحدة النقدية التي طرحت منذ عشرين عاما، فما فتئت تتعثر وقد تقرر أن ترى النور في عام ،2005 لكن دون أن تلوح في أفق الحكومات والدول الخليجية، حتى هذا الوقت، بوادر مطمئنة حول إمكانية حدوث ذلك فعلا·
لكن من اللازم أن نعلم أولا أن تلك الخطوات هي أقل بكثير مما يمليه واقع الوحدة الاجتماعية والثقافية لشعوب المنطقة، وأنها أيضا لا تحقق القدر الكافي من مصالحها المشتركة· وثانيا أن ما تحقق في المجال الاقتصادي، جاء أساسا كاستجابة للضغوط الخارجية، ومنها اشتراطات الاتحاد الأوروبي الذي يرهن تطبيق الاتفاقات التجارية التي وقعها منذ 18 عاماً مع مجلس التعاون، بسياسة تجارية موحدة تضم أعضاء مجلس التعاون في إطار اندماجي مشترك.
جابر حمود ــ البحرين