لقد حدثت في الفترة الأخيرة مفارقتان مهمتان تتطلبان منا الانتباه عليهما والتدقيق فيهما· المفارقة الأولى تمثلت في خطاب مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي، أمام قمة المؤتمر الإسلامي الأخيرة في ماليزيا، حيث دعا الدول الإسلامية لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية عبر استخدام الفطنة والتعلم من الشعب اليهودي الذي يحكم العالم بالوكالة رغم قلة عدده·
أما المفارقة الثانية فتجلت في التصريحات التي أطلقها الليفتاننت جنرال وليام بويكين نائب وكيل وزارة الدفاع لشؤون الاستخبارات، حول المسلمين واصفا إياهم بأنهم يعبدون وثناً وليس إلهاً حقيقياً ، وان دينهم بمثابة الشيطان · والغريب في الحالين أن الأولى أثارت حفيظة العديد من دول العالم الغربي التي سارعت إلى الاستنكار والإدانة واتهام مهاتير محمد بمعاداة السامية وإثارة الفتنة بين الشعوب· بينما في الحالة الثانية لم يسمع أي صدى لردود الفعل على رغم خطورة الكلمات التي قالها الجنرال بويكين·
فإذا كان بويكين بكلماته هذه لم ينتهك القواعد أو العلاقة التي تربط العالمين الإسلامي والمسيحي، فلماذا إذن يتهم مهاتير محمد بمعاداة السامية، وهو الذي لم ينتهك القواعد أصلاً؟ ولكن يبدو أن إدارة الرئيس بوش التي انبرت لمهاجمة مهاتير محمد، أصبحت بحاجة إلى دروس مكثفة في الأخلاق وطرق التعامل مع الآخر ·
وفي النهاية، لكم أن تتخيلوا معي ما سيحدث لو أن شخصاً آخر مسلماً في منصب بويكين، تلفظ بهكذا ألفاظ عن الدين المسيحي؟!
غسان خروب ــ أبوظبي