ربما نكون جميعا قد لاحظنا شيئا مختلفا ونحن نبحر على شبكة الإنترنت في الآونة الأخيرة، وخصوصا عندما نقوم بالمصادفة بالضغط على عنوان ويب ينتهي بالحروف ).omc( أو)ten(·
إذا ما حدث ذلك معك، فإنك تعتبر إذن شاهدا ليس فقط على ما يطلق عليه البعض عملية الاختطاف الكبرى لشبكة الإنترنت عام 2003 ، ولكن أيضا على المعركة المحتدمة التي تدور رحاها بين أطراف متعددة حول الطريقة المثلى التي يجب بها التنظيم والتحكم في الفضاء الإليكتروني. كان من المعتاد فيما سبق أن تتلقى رسالة خطأ على الصفحة، إذا ما كان العنوان الذي تقوم بطباعته وأنت فيها، ينتمي لشخص آخر. أما الآن فإنك عندما تقوم بذلك فأنه يجري تحويلك إلى العنوان التالي: moc.ngisirev.rednifetiS، وهو عنوان يقودك إلى صفحة ويب ، تحتشد بعدد كبير من الوصلات، التي تقودك لأسماء بائعين دفعوا مبالغ معينة، مقابل وضع اسمهم على تلك الصفحة من أجل لفت انتباهك، أو انتباه مشروعك. الشركة التي تقوم بإحضار هذه الصفحة لك هي شركا اسمها .cnI ngiSireV، وهي إحدى شركات وادي السيليكون التي تتمتع بحقوق حصرية لإدارة شفرة أو كود الإنترنت، الذي يقوم بتوجيه متصفح الويب الخاص بك إلى العناوين التي تنتهي بالحروف .moC أو ·ttn··كما قلنا·
والشركة المذكورة تعتقد أنه يمكنها استخدام هذه الصلاحية أو السلطة للتحكم في مسار عدد كبير من عمليات المرور في الشبكة التي يقدر عدد الزائرين لها يوميا بمليون ونصف المليون زائر، وتحويلها إلى مواقع تجارية، يمكن لها أن تحقق أرباحا كبيرة. وقد أدى تحكم هذه الشركة في مسارات المرور على شبكة الإنترنت إلى حدوث ردود أفعال واسعة النطاق . يرجع السبب في ذلك إلى أن هذه الشركة قد استولت على حق التحكم في مسار المرور بل وانتزعته من الشركات الأخرى مثل شركة مايكروسوفت ذاتها، التي يقوم المتصفح الخاص بها عادة بانجاز وظائف مماثلة. وتسبب ذلك في توقف بعض فلاتر الإعلانات التجارية غير المرغوبة التي يتم إرسالها إلى البريد الشخصي للمشتركين عن العمل، كما أدى أيضا إلى تدافع بعض كتبة الشفرات لإلغائها، ورفع العديد من الدعاوى القضائية.
بيد أن الأهم من ذلك هو أن الإجراء الذي قامت به شركة ngiSireV يعتبر التحذير الأخير لأي شخص لا زال يتعلق بفكرة أن الإنترنت ملكية عامة ، يذكره بأن عليه أن ينسى ذلك.
لقد كانت تلك فكرة رومانسية في أيام الزمن الجميل، دعنا نقول، عام ،1996 عندما كان كل شيء يبدو ممكنا. فقد كان ممكنا بمجرد امتلاك جهاز كمبيوتر، وجهاز موديم ، وخط تليفون، أن تقوم أصغر شركة، أو دعنا نقول على سبيل الفصاحة أصغر سمكة، بالتنافس مع أضخم حوت في عالم الشركات، بفضل قدرتها على الوصول إلى ملايين الناس دون أي تكلفة. وكان ممكنا أيضا للمعلومات وأساليب الترفيه أن تنساب بسهولة، كما كان من الممكن كذلك فتح المجتمعات المقموعة والمغلقة.
كانت الفكرة السائدة هي تجنب تحويل الشبكة إلى مرفق عام يخضع للوائح والأنظمة والقوانين التي تتحكم في شبكات الهواتف والكهرباء. وكانت قدرة الإنترنت على الوصول إلى أي مكان في العالم سببا من الأسباب الرئيسية التي تدعم تلك الفكرة. مع ذلك كله، ثار سؤال في ذلك الوقت مؤداه: من ستكون له صلاحية أو سلطة التحكم في الشبكة وتنظيمها لتجنب تحول الأمر إلى فوضى؟ في ذلك الوقت اتجه التفكير بعيدا عن الحكومات.. لأن الحكومات بما تتصف به من بيروقراطية وبطء في الحركة كانت كفيلة بخنق الإبداع ، وتعويق النمو.. كان ذلك هو الهاجس الذي تملك الجميع في ذلك الوقت.
مع ذلك فإن ما حدث في ذلك الوقت أيضا هو أن بعض التقنيين الأذكياء قد أدركوا أن البنية المعمارية للإنترنت، والتصميم الرقمي الديجيتالي للكيفية التي تنتقل بها المعلومات من النقطة أ إلى النقطة ب مثلا، سوف تكون هي العنصر المتحكم. بناء على ذلك، قام تنظيم أو اتحاد يضم مجموعات تقنية أو مجموعات من كتبة الشفرات sretirW edoC والمحكمين. كانت إحدى تلك المجموعات مخصصة لتحديد عنوانين الشبكة، ثم تطورت فيما بعد لتصبح هي شركة شبكة الإنترنت لتحديد الأسماء والأرقام وهي نفس الشركة التي قامت مؤخرا بمنح عقد إدارة جميع العناوين التي تنتهي بـ moC إلى شركة ngiSireV· واليوم نجد أن المزيد من وظائف الإنترنت قد أصبحت تحت تحكم عدد يتناقص تدريجيا من اللاعبين. فالوصلات فائقة السرعة أصبح يتم التحكم فيها بواسطة حفنة من الشركات الكبرى، التي دخلت في منافسة شرسة فيما بينها للسيطرة على معايير الأمن ، وعلى الطرق التي يمكن للأنظمة المختلفة أن تعمل بها معا.كما أن الشركات العاملة في مجال الترفيه، والتي تشعر بقلق من حدوث عمليات قرصنة على الأعمال المحمية بحقوق النشر، أصبحت تدفع بشدة في اتجاه إيقاف شبكات المشاركة في الملفات عن العمل.
وعلى الرغم من الضجة التي ثارت بسبب الخطوة التي أقدمت عليها شركة ngisireV ، ألا أنه من غير المحتمل أن يتغير هذا الاتجاه. فالحقيقة هي أن الشركة قد استخفت بالطلب الذي تقدمت