إذا تنفست هواء لا يحمل بين ذراته رائحة يهودية، فأنت معاد للسامية، وإذا نظرت إلى أي شيء يخص اليهود بنظرة لم تعجب اليهود أنفسهم فأنت معاد للسامية· وإذا تفوهت بكلمة فيها عتب لمسلك أي يهودي حتى لو كان مجرم حرب من طراز شارون، فأنت معاد للسامية. إذا دخنت سجائر غير يهودية فأنت معاد للسامية، وإذا قرأت قصة أو رواية لم يؤلفها يهودي أو قرضت شعرا لم يقله شاعر يهودي، فأنت معاد للسامية. إذا لم تأكل مما يأكل اليهود ولم تشرب مما يشربون ولم تلبس مما يلبسون ولم تتنفس الأوكسجين الذي يتنفسون ولم تستحم في البحر الذي فيه يستحمون ولم تعجبك أفلام الكرتون التي بها يعجبون، فأنت معاد للسامية.
إذا لم تحضر الاجتماعات التي يحضرها اليهود فأنت معاد للسامية، وإذا لم تنضم إلى الجمعيات التي ينضوي تحت راياتها اليهود فأنت معاد للسامية· وإذا لم تزر المواقع التي يزورونها والبلدان التي يستجمون فيها ولم تصعد الجبال التي يصعدونها ولم تهبط إلى قيعان الوديان التي يهبطون إليها فأنت معاد للسامية. إذا لم تدخل أبناءك المدارس التي يملكها اليهود فأنت معاد للسامية، وإذا لم تبدِ إعجابا بالفنانين والسياسيين الذين يتحولون إلى مسخرة في مديح اليهود فأنت معاد للسامية· إذا تصفحت جريدة يومية فاحرص على ألا تقرأ أي نقد لليهود، وألا تنظر إلى أية صورة تكشف فظائع اليهود، وألا تعجب بما لا يعجب به اليهود وألا تمتدح ما لا يمتدحه اليهود، فإذا فعلت ذلك فأنت معاد للسامية. واحرص كذلك على ألا تستمع لأية أغنية لا تمجد اليهود، أو أية موسيقى لا تحمل لحنا يهوديا لأنك إن فعلت ذلك فستكون معاديا للسامية.
إذا لم تمتدح اليهود حتى لو قتل الصهاينة منهم نصف أطفال فلسطين العزل بمدافع الدبابات وبالأباتشي و>إف-16<، فأنت معاد للسامية· وإذا لم تصدق ما يزعمون وما يدعون وما يفبركون وما يختلقون، فأنت معاد للسامية· وإذا لم يعجبك برنامج تلفزيوني أميركي لانحيازه لليهود فأنت معاد للسامية، وإذا انتقدت انحياز لجنة جوائز >أوسكار< لأنها منحت حتى الآن أكثر من نصف جوائزها لأفلام تتكلم عن اليهود، فأنت معاد للسامية، وإذا قلت أن الإدارة الأميركية المبجلة واقعة تحت ضغط اللوبي اليهودي، فأنت معاد للسامية.
تهمة المعاداة للسامية هي المظلة التي تندرج تحتها كل الاتهامات الأخرى والمحاكمات والعقوبات وتشويه السمعة والإساءات. وما حدث لرئيس الوزراء الماليزي مهاتيرمحمد خير دليل على ذلك، فالرجل قال جملة قد تفسر لصالح اليهود بأكثر مما قد تحويه من أي تأويل ضدهم، فهو لم يقل أكثر من جملة إن >اليهود يحكمون العالم<.. فثارت ثائرة القائمين على >مؤسسة توزيع الاتهام بمعاداة السامية<، وتحول مهاتير وكل من يمت إليه بصلة إلى عنصريين ومسيئين وكارهين وحاقدين.
أنا شخصيا معجب جدا بهذه القوة الجبارة التي يتمتع بها اليهود في العالم، وأرجو ألا يفهم كلامي على أنه معاداة للسامية، ولكنني أتمنى أن نستغل نحن العرب ربع الإمكانيات التي لدينا في تحقيق جزء مما استطاع اليهود تحقيقه، ونخصص الثلاثة أرباع الباقية من قدراتنا لضرب بعضنا بعضا، بدلا من تكريس كل ما نملك وما لا نملك لتأجيج خلافاتنا وتأصيل تخلفنا. وأخيراً فإذا كنت قد أكملت قراءة هذا العامود فأنت أيضاً معادٍ للسامية!