يقال إن العرب قوم يعيشون في الماضي وعليه وخارج العصر، لكن الحقيقة هي أن اليهود، أو الدولة اليهودية على الأصح، هي دولة تعيش الحاضر وتخطط لمستقبلها باعتبارات الماضي واختياراته وحساباته· وردت على ذهني هذه الملاحظة، بعدما فرغت مؤخراً من قراءة لترجمات عبرية، توحي كلها بنقمة وحقد تاريخيين لتلك الدولة على بلدين بشكل خاص هما مصر والعراق، أكثر من أي بلد أو شعب آخر· ولا يعود الأمر فقط إلى مخلفات الحروب المعاصرة بين إسرائيل والجانب العربي الذي حاول رد عدوانها السافر، ولكن أبعد من ذلك كثيراً، إلى آلاف السنين السابقة· فاليهود يزعمون أنهم تعرضوا لاضطهاد شديد على أيدي الفراعنة، وأن ذلك حدث نتيجة إيمانهم برسالة موسى الذي حاربه فرعون، ومن ثم يؤسسون على هذا الشق من تاريخهم القديم والمحرف، موقفاً حاقداً وعدائياً ضد مصر الحالية وشعبها·
أما العراق فهو يعني بالنسبة لهم تاريخاً طويلاً من الحقد والكراهية التي خلفها السبي البابلي عندما قام ملك بابل نبوخذ نصر بسبيهم إلى العراق مدة قدرت بمائتي سنة، ذاقوا خلالها شتى صنوف العذاب والمعاناة· وعلى مر التاريخ،حاول كتاب اليهود تضخيم وتهويل ما حدث لهم على أيدي العراقيين والمصريين القدماء، في محاولة لاستثماره في سياسات المستقبل، وهي سياسات توسع وعدوان وليست سياسات تعايش ووئام·
حردان قاسم - العراق