من خلال التجربة مع اسم مدريد فإن مؤتمراتها لم تأت للعرب، بعد الوعود والآمال الزائفة، سوى بالخديعة والنصب السياسي والتآمر الذي راحوا ضحيته، بعد أن منوا أنفسهم بأن مؤتمر مدريد الأول في نوفمبر 1991 سيكون فاتحة للسلام والازدهار والرخاء الاقتصادي· والحقيقة أنه، سواء اعترفنا بذلك أم لم نعترف به، فإن الغرب الذي تآمر على العرب في سايكس-بيكو ومن خلال وعد بلفور ، ثم هدنة 1948 وقرار الأمم المتحدة رقم ،242 هو ذاته الذي استدرجهم إلى مؤتمر مدريد للاعتراف بإسرائيل مقابل تطمينات والتزامات ووعود كاذبة· فهل حقق أقل القليل لأفغانستان من وعوده في مؤتمر بون؟ لا زالت أفغانستان محطّمة وذات أوضاع بائسة أكثر بكثير مما كانت عليه قبل الحملة العسكرية الأميركية ضدها!
ولعله من المستبعد أن تأتي التزامات ونتائج مؤتمر مدريد الأخير لإعادة إعمار العراق ، بما يمثل شذوذاً على تلك القاعدة المطردة التي أكدتها كل المحطات السابقة في علاقة الغرب بالعرب والمسلمين· ربما يختلف العراق إلى حد ما بسبب نفطه الذي يغري الدول الغربية باستثماراته المربحة، مما قد يدفعها إلى تقديم مساعدات تطمح إلى أخذ أضعاف أضعافها·
وعلى رغم تشدقات مجلس الحكم الانتقالي بأن نجاح المؤتمر إنما يعود إلى جهوده الخارقة، فإنه أولى به ألا يزعم لنفسه دوراً في عملية للشروع بسرقة العراق في مدريد الخاسرة·
نادر المؤيد - أبوظبي