في يوم الأحد الماضي انطلق موكب توني بلير من مقر إقامته إلى أحد المستشفيات القريبــــة من العاصمـــة البريطانــية لندن هو )ellivdnaM ekotS(، حيث أوصى الأطباء بنقله إلى مستشفى همرسميث )htimsremmaH( التخصصي. هذا الفزع الذي أصاب رئيس الوزراء البريطاني وعائلته ومعاونيه، كان سببه إحساس بلير بآلام في الصدر، والتي تعتبر من أهم أعراض الإصابة بالذبحة الصدرية. وبعد فحوصات استمرت على مدار خمس ساعات، تخللتها 20 دقيقة تم فيها تخدير رئيس الوزراء، شخص الأطباء الحالة علــى أنها )aidracyhcat ralucirtnev arpus(، والتي تعني زيادة في عدد ضربات القلب بسبب اختلال في التوصيل العصبي الكهربائي لعضلة القلب، والصادر من المنطقة الواقعة أعلى البطين، أو بمعنى آخر أن الآلية الطبيعية التي تنظم عدد ضربات القلب قد حدث بها اختلال. وعلى رغم أن الكثيرين قد فسروا هذا الحدث على أنه نتيجة الضغوط المتراكمة التي أصبحت تتزايد على توني بلير منذ نهاية الحرب على العراق وظهور مدى فداحة الخطأ أو الأخطاء التي ارتكبها هو وجهاز مخابراته بالتعاون مع جورج بوش وأعوانه، إلا أن هذا الربط السياسي الطبي قد جانبه التوفيق. فالحالة الطبية التي أصابت بلير والمعروفة اختصارا بـ)TVS(، لا توجد علاقة مؤكدة بينها وبين ضغوط العمل أو أي شكل من أشكال التوتر. فمن ضمن الأسباب العديدة والخطيرة التي قد تسبب الإصابة بالـ(TVS( لا يعتبر التوتر من ضمنها، وإن كانت هذه الحالة تصيب الكثيرين بدون سبب واضح (حالات تلقائية أو غير معروفة السبب) أو دون أن يكون الشخص مصابا بمرض خطير، وهو في الغالب النوع الذي أصيب به بلير ·
ويتم علاج غالبية الحالات من هذا النوع بتدخل طبي يعرف بالـ)noisrevoidraC(، والذي يمكن تعريفه بأنه تعريض قلب المريض لصدمة كهربائية من جهاز خاص، بهدف استعادة نظام وعدد الضربات الطبيعي. وتتم هذه العملية والمريض مخدر ولا تستغرق إلا دقائق قليلة، وهو الإجراء الذي خضع له رئيس الوزراء يوم الأحد الماضي قبل أن يتم السماح له بالخروج من المستشفى. هذا الإجراء والذي قد يراه البعض حادا إلى درجة ما، ضروري حتى لا تتحول حالة )TVS( إلى ما يعرف بـ)rettulf ro noitallirbif lairtA( وهو ما يسبب الموت المفاجىء. ولذا على رغم أن المتحدث الرسمي لـ دوانينغ ستريت قد حاول التخفيف من أهمية ذلك الحدث، إلا أن الحقيقة أن بلير وهو أب لأربعة أطفال كان فعلا في موقف صحي خطير. وحتى بعد نجاته وعودته إلى العمل خلال الأيام التالية، إلا أنه سيظل تحت سحابة أو سحابتين من الشكوك إلى وقت غير قصير.
السحابة الأولى أطلقها الكارهون لـ بلير وزعامته، من خلال ادعائهم بأن أحداث الأحد الماضي ما هي إلا مقدمة لتمثيلية، يهدف رئيس الوزاء البريطاني في نهايتها إلى التخلي عن منصبه بسبب المشكلات الصحية. فهذا المخرج قد يحفظ لتوني بلير كرامته، بعد أن انخفضت شعبيته إلى أدنى مستوياتها منذ توليه مقاليد رئاسة الوزارة، بسبب أخطائه السياسية الفادحة وتبعيته العمياء للإدارة الأميركية الحالية قبل وأثناء وبعد الحرب على العراق. هذا الادعاء على رغم ما له من تأثير سيثلج صدور الكثيرين، إلا أنه بعيد إلى درجة كبيرة عن الحقيقة. فالتشخيص بالإصابة بالـ)TVS( تم من قبل أطباء أحد أشهر المستشفيات البريطانية، والعلاج الذي خضغ له رئيس الوزراء ليس مجرد أقراص أو حقن، بل صدمة كهربائية عملت على إعادة بدء )gnitatser( نظام ضربات قلبه.
أما السحابة الأخرى والتي ستظل فوق رأس بلير فهي من النوع الطبي وليست من النوع السياسي. ففي كثير من الحالات وبعد إجراء العديد من الفحوص على الأشخاص الذين يشتكون من أعراض مشكلات في القلب، يسقط عدد لا بأس به من هؤلاء المرضى موتى، بعد أيام قليلة من إخبار أطبائهم لهم بأن نتائج جميع الفحوصات كانت طبيعية. هذه المشكلة سببها أن فحوصات القلب الشائعة بما في ذلك فحص التروبونين )tset ninoport(، والذي يقيس مستوى بروتين التروبونين الموجود في عضلة القلب، كثيرا ما تفشل في إظهار الحالة الصحية الحقيقية للقلب. ولذا دائما ما يواجه أطباء الطوارئ في أقسام الحوادث في المستشفيات، بسؤال صعب جدا يحمل في إجابته الفرق بين الحياة والموت. هذا السؤال هو عما إذا كان الشخص المشتكي من أعراض قلبية، سوف يتعرض لاحقا لذبحة صدرية حادة أم لا؟ وعلى ما يبدو أن الأطباء كثيرا ما يفشلون في الإجابة على هذا السؤال، وهي الحقيقة التي تؤكدها أعداد المرضى الذين يسقطون موتى بالذبحة الصدرية، بعد ما يكون الأطباء قد قرروا أن قلوبهم تتمتع بصحة جيدة. هذا الحظ السيئ الذي يتعرض له الكثيرون كل يوم، ليس نتيجة تقصير من الأطباء أو جهل منهم، وإنما سببه عدم وجود فحص طبي سهل وسريع يظهر لهم بشكل واضح موقف الحالة الصحية لقلب المريض.
ولكن من حسن حظ بلير ومعه الملايين الآخرون من أصحاب القلوب المعطوبـــة، نشــــر مجموعـــــة من الباحثين في مستشــفى كليفلاند كلينك هذا الأسبوع في المجلة الطبية المشهورة )enicideM fo lanruoJ dn