تدهور الوضع الأمني في العراق على هذا النحو المقلق، يؤكد أن طريق تحقيق الأمن والاستقرار ما تزال دونه عقبات وعقبات، لا بد من قهرها واجتيازها مهما كانت درجة وعورتها وشدتها، ذلك ان عدم اكمال هذه المهمة، وعلى الوجه المطلوب، يحمل بين طياته اخطارا ومهددات للأمن العراقي والاقليمي والدولي، لا قبل لأي طرف بمواجهتها بمفرده مهما كانت قوته وامكانياته، من غير خسائر جسيمة وتكاليف باهظة·
الواضح ان العراق وطناً ودولة مستهدف من قوى عديدة، ذات أهداف شتى، منها ما يحاول ايقاف عجلة التغيير الحالية واجهاض التحول سرا وعلانية، ويبذل في سبيل ذلك كل ما يمتلكه من خبرات المكر والخبث، ومنها ما يسعى الى تجييرها وتسخيرها لخدمة غايات واغراض بعيدة كل البعد عن أماني وتطلعات الشعب العراقي في وطن متنوع الثقافات والاعراق، ويخلط في ذلك السم في العسل، ومنها من يسعى الى ايجاد موطئ قدم ومرتكز نفوذ في العراق الجديد، ومنها من يحاول تعويض خيباته القديمة، وعرض بضاعته الكاسدة في البازار السياسي المفتوح على مصراعيه، ومنها من يمني النفس بتحول العراق الى مستنقع امني وسياسي آسن يطلق أبخرته السامة على كل انحاء المنطقة، ومنها ومنها لا يعد ويحصى من ذوي النوايا الشريرة الذين لا يريدون الخير والأمان والسلام لشعب العراق·
ان أي تردد او تلكؤ وتباطؤ في انجاز مهمة بناء العراق الجديد بفضاءاته الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، سيتحول الى كارثة سيتطاير شررها وسقطها الى مسافات لا يعلم مداها الا المولى عز وجل، فالمتربصون كثر، يتدفقون كغثاء السيل على أرض الرافدين، يتحينون الفرص، للتسلل والضرب والهدم وسد منافذ التغيير التي انفتحت بعد التاسع من ابريل الماضي· وما يجري في العراق حالياً، هو نموذج بسيط لما يمكن ان يحدث في المستقبل اذا لم تنجز المهمة، بوجوهها المتعددة، وبأسرع وقت ممكن، ومن ثم عودة الامر برمته الى أهله العراقيين·
ان ما يحدث في العراق من هجمات واعتداءات وتخريب وفوضى من بقايا من دالت دولتهم وذهبت سلطتهم، ولم يعد في دلائهم من خير يرتجى، بل شر يتقى، ومن جانب زمر وشراذم الإرهاب الجوالة، كفيل بشحذ الهمم وحشد الطاقات لمؤازرة الشعب العراقي في اجتياز هذا الظرف العصيب·