ليس من عادة منظمة “مراسلون بلا حدود” أن تطلب حق الرد، لأنها ترى أن لكل شخص الحرية في نقد المنظمة وفي الحكم عليها وحتى في التنديد بها، في حالة عدم الاتفاق معها• ولكن عندما يصبح الادعاء حجة والاتهام الباطل طعناً في طبيعة عملنا، كما ورد في المقال الذي نشرته جريدة “الاتحاد” بتاريخ 15 أكتوبر ،2003 يحق لنا وضع النقاط على الحروف•
أولاً: يفتقد السيد محمد الحمادي الدراية بمهمة “منظمة مراسلون بلا حدود” • إن هذه المنظمة ليست نقابة للصحفيين وليست جمعية مهنية• إنها منظمة تدافع عن المبدأ وليس عن شخص الصحفي بدافع التضامن المهني أو القومي أو اللغوي أو غيره• فعندما تمس حرية الصحافة، عبر المساس بالصحفيين، تقوم المنظمة بتسجيل الحدث وبالدفاع عن القضية• ولكن عندما يشكك في شخص قام بأعمال لا علاقة لها مباشرة أو غير مباشرة بحرية الصحافة، حتى وإن كان هذا الشخص صحفياً، ففي هذه الحالة، لا شيء يبرر تدخل المنظمة• بالنسبة لنا أن يكون هذا الشخص صحفياً هو واقع مهني وليس صكاً لاستقامة السلوك•
ثانياً: لا يمكن اتهام المنظمة بعدم الإنصاف وبالعنصرية نظراً للمواقف التي اتخذتها• ولو كانت حقاً معادية للعرب لما دافعت عن تيسير علوني عندما أرادت السلطات العراقية، أثناء الحرب، منع قناة “الجزيرة” من التغطية وطرد مراسلها• لقد قمنا بذلك إيماناً منا بأنه ليس من حق الحكومة العراقية أن تقرر التغطية الصحفية لـ”الجزيرة” وأن لدى مراسلي “الجزيرة” حق العمل هناك• لماذا قمنا بالدفاع عن مكتب “الجزيرة” عندما قصفه الطيران الأميركي في كابول؟ قمنا بذلك لأن اتفاقيات جنيف تحرم قصف مكاتب الإعلام المدنية وتهديد حياة الصحفيين العاملين بها• وللرد على سؤال محمد الحمادي: لو كان تيسير علوني صحفياً غربياً قام بلقاء صحفي مع بن لادن ولديه علاقة بصفة أو بأخرى بـ”القاعدة” هل يكون موقف السيد مينارد نفسه؟ أقول “نعم”• إنه من باب احترام الوقائع والنزاهة، وهو ما يلزم أيضاً السيد حمادي، أن نعترف بأن ما يلام عليه تيسير علوني ليس إجراء المقابلة الصحفية مع بن لادن بل ما قام به خارج مهمته الصحفية (العون اللوجستي، الانتماء للقاعدة، تحويل مبالغ•••)• ما هي بالتحديد العلاقة التي تربط علوني بـ”القاعدة”؟ هذا ما سيجيب عليه التحقيق ونتمنى أن يحصل في أقرب الآجال• إن هذا التحقيق هو الذي سيمكننا من معرفة إن كان تيسير علوني قد عبر الخط الأصفر الذي يميز بين النشاط الصحفي والنشاط ذي طبيعة أخرى• فالتمييز بينهما مهم، بل في غاية الأهمية• إذ بموجبه تقوم المنظمة بالدفاع عن قنوات فضائية (عربية أيضاً! مع أن البعض يعتبرنا منظمة عنصرية!) ينتقدها “بوش” و”بلير” لأنها تبث رسائل إرهابية لبن لادن أو لغيره من المجموعات الإرهابية• إذن لابد أن نفصل بين مهمة الإعلام وهي إخبارية وهدف الحركات الإرهابية وهو التحريض على العنف والقتل• وقد أصبح التذكير بهذا الفصل ملحاً نظراً لما يلمح به من اتهامات ضد وسائل الإعلام العربية المذكورة• ثالثاً: إن عدم تدخل المنظمة في قضية تيسير علوني ليس بموقف “متصلب” بل “محايد”• فهي تعتبر السيد علوني بريئاً طالما هو متهم فحسب• وهو موقف كل دولة تحترم القانون• ولو اعتبرنا بكل صدق ونزاهة أن إسبانيا كذلك، يمكننا أن نضع ثقتنا في عدالة هذا البلد بكل عقلانية، دون أن نفقد الرؤية الصحيحة• على كل، تتولى المنظمة متابعة القضية وبكل يقظة• ولكن إلى حد الآن، لم يصدر من القضاء الإسباني ولا من القاضي “بلتزار جارزون” أي سلوك يهدد حرية التعبير• ونقول للتذكير إن محامي تيسير لم يرَ ضرورة للتطرق إلى موضوع حماية المصادر الصحفية للدفاع عن موكله•
وأخيراً لا يسعني إلا أن أعترف بأنني استمتعت بدرس في الإنصاف ومحاربة العنصرية قدمه لي زميل تحدث عن “القارة الشقراء”• ولو تفضل السيد الحمادي ودل القراء على موقع هذه القارة لقلت له: للحوار بقية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمين عام منظمة "مراسلون بلا حدود"