خطا المجتمع الدولي خطوة أخرى باتجاه استعادة تضامنه وتماسكه في معالجة الأزمة العراقية، بعد فترة من الانقسام والجدال غير المثمرين، أثرت سلبا على مجمل الوضع في العراق، حيث ازدادت معاناة الشعب العراقي، وتعثرت مسيرة التحول السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وبرزت أخطار، كالارهاب على سبيل المثال، لا تهدد العراق وحده، وإنما تشكل تهديدا للامن والاستقرار في المنطقة وفي العالم باسره·
انعقاد مؤتمر الدول المانحة في مدريد، وبهذا العدد الكبير من المشاركين ومستوى تمثيل الدول، والتعهدات المالية التي قطعتها الاطراف المشاركة، بالمساهمة في إعادة اعمار العراق، اظهر أن المجتمع الدولي في سبيله الى تجاوز آثار انقساماته السابقة، والعمل يدا بيد لانتشال العراق من وهدته الحالية، ومعاونته على النهوض من المنزلق الخطير الذي دفعه اليه النظام السابق من خلال مغامراته الفاشلة داخليا وخارجيا·
ان السخاء المالي الذي تجلى في مؤتمر مدريد، حيث تبارت الاطراف المشاركة في الوعود برصد الاموال لاعادة الاعمار، مقرونة بآمال عراض، ونوايا طيبة لاخراج العراق من محنته، والتحالف من ورطته، ينبغي ان يقابل بشيء من السخاء السياسي، من جانب القوى الممسكة بزمام الامور في العراق، خاصة فيما يتعلق بتوسيع دور الأمم المتحدة في المسألة العراقية حاضرا ومستقبلا، ذلك ان من شأن أي خطوة من هذا القبيل، أن تشجع وتحفز الاطراف الاخرى المتحفظة والمترددة على المشاركة الفعالة في عملية اعادة الاعمار، التي ينظر اليها باعتبارها الركيزة الاساسية لانجاح عملية التحول والتغيير في العراق·
ان العراق الجديد هو ارض الفرص، وموطن الربح الوفير لكل مستثمر، إذ يزخر وادي الرافدين بامكانات هائلة ومجالات واسعة للاستثمار، تسندها قاعدة متينة من الكوادر البشرية والقوى العاملة المدربة والمؤهلة، التي تستطيع تحويل الحلم الى حقيقة وفي زمن قياسي، هذا إذا أحسنت ادارة واستغلال الاموال التي ستتدفق على البلاد بعد مؤتمر مدريد·