لا تخطئ عين المراقب في ملاحظة حالة من التوتر المتصاعد بين مصر وإسرائيل على امتداد أيام شهر أكتوبر واعتباراً من اليوم السادس والذي يسجل الذكرى السنوية الثلاثين لحرب أكتوبر ·1973 بدأت حالة التوتر عندما أعلن أرييل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه لا يستبعد أن يتعرض الجيش الإسرائيلي لهجوم مصري-سوري على نحو ما حدث في أكتوبر 1973 مبرراً تصوره هذا بقوله·· ليس في وسعي أن أستبعد هذا الاحتمال في منطقة لم تقبل بوجود إسرائيل بعد·· مضيفاً بلهجة اليقين·· هناك إرادة للهجوم علينا وكل ما يجب علي هو أن أنبه إلى ضرورة أن نكون على حذر·
مع اطلاق شارون لهذا التحذير اعتبر الأمر لدى معظم المراقبين مجرد غطاء للغارة الجوية الإسرائيلية في العمق السوري بالقرب من دمشق، وفهم على أنه نوع من التبرير للغارة ضمن المبررات الأخرى المتصلة بالعملية التفجيرية في حيفا والتي نفذتها منظمة الجهاد الإسلامي · غير أن الأمر لم يتوقف عند تحذير شارون، فقد تتابعت تصريحات لكبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين موجهة بالتحديد تجاه مصر· ويلاحظ أن هذه التصريحات تنطلق بفروق بضعة أيام بين التصريح والآخر مما يفيد أنها لا تأتي عشوائياً أو كيفما اتفق، بل إنها تصريحات تنتظمها خطة مركزية لتصعيد التوتر·
بعد شارون جاء دور رئيس الأركان الجنرال يعلون الذي أعلن في الرابع عشر من أكتوبر أن إسرائيل ستنتصر على السلطة الفلسطينية كما انتصرت على مصر من قبل في أكتوبر ,·1973 مضيفاً أن عبور قواتنا إلى الضفة الغربية من قناة السويس قد أرغم مصر وهي أهم وأكبر الدول العربية على أن تستخلص أن السبيل الوحيد للخروج من المأزق الذي دخلت فيه الدول العربية عام 1948 هو المفاوضات المبنية على الاعتراف بإسرائيل·· مؤكداً أن الشيء نفسه سيحدث في القتال مع الفلسطينيين·
بعد مرور وقت قصير دخلت التصريحات التي يطلقها العسكريون الإسرائيليون من منطقة الزمن الحاضر لتبتعد عن ذكرى حرب أكتوبر ودروسها لتثير توتراً يرتكز إلى بؤرتين: الأولى تهريب السلاح المتقدم والصواريخ المضادة للدروع والدبابات عبر أنفاق رفح من مصر إلى الفلسطينيين، والثانية مخاطر صفقات السلاح التي يتزود بها الجيش المصري· وفيما يتعلق بالبؤرة الأولى أعلن قائد قوة الحملة العسكرية الإسرائيلية المتواصلة في رفح بعد اكتشاف عدة أنفاق تحت الأرض تصل بين الأراضي الفلسطينية والمصرية·· قائلاً إن أجهزة الأمن المصرية لا تقوم بإجراءات كافية لوقف عمليات تهريب الأسلحة من مصر إلى قطاع غزة· وجاء هذا التصريح ليلقي باتهام غير مباشر على السلطات المصرية في موضوع تهريب السلاح·
وعلى رغم أن عدداً كبيراً من المسؤولين المصريين قد أعلن أن مصر لا علاقة لها بهذه العمليات وأن فتح الأنفاق يبدأ في المناطق الفلسطينية، وهو أمر ينفي عن مصر أية مسؤولية في شق الأنفاق واستخدامها·· فقد صعد الجانب الإسرائيلي التوتر في هذه البؤرة· ذلك أن مكتب رئيس الوزراء شارون أصدر بياناً يقول فيه إن الجيش الإسرائيلي ألقى القبض على أحد كبار المسؤولين في البحرية الفلسطينية وإن هذا المسؤول الفلسطيني اعترف أثناء الاستجواب بأنه قام بتهريب أسلحة من مصر إلى غزة وأنه قام بتسليمها إلى منظمات متنوعة وأنه حدد أنواع هذه الأسلحة بالصواريخ والقاذفات والذخائر· وقد تولى عدد من رؤساء الصحف شبه الرسمية المصرية تفنيد هذا البيان، وطالبوا إسرائيل بعرض الصواريخ التي تدعي أنها هربت للصحافة، وببيان طرازها ومنشئها لتحديد مصدرها وكشف حقيقة الأمر·
بعد أيام قليلة وفي السابع عشر من أكتوبر نشرت صحيفة معاريف موضوعاً يمس بؤرة التوتر والتصعيد الثانية المتعلقة بالتسلح المصري· جاء العنوان ليقول·· الوزير موفاز يحذر: مصر تتسلح· أما متن الموضوع فيقول إن وزير الدفاع موفاز قد حذر أمس من عمليات التسلح العسكري التي قامت بها مصر خلال الشهور الأخيرة خاصة فيما يتصل بالسلاح المنتج في الولايات المتحدة الأميركية· ونقلت الصحيفة عن وزير الدفاع قوله·· إننا نراقب بقلق تنامي القوة العسكرية المصرية ونتساءل لأي هدف يحدث هذا؟ ذلك أنه بيننا وبين مصر سلام وأنا لا أرى أية دولة تهدد مصر تهديداً فعلياً· وأضاف الوزير موفاز في تصريحه لـ معاريف قائلاً·· من الممكن أن نجد أنفسنا أمام واقع جديد بعد عدة سنوات تتواجد فيه في مصر قيادة أخرى وستكون هذه القيادة قادرة على تغيير موقفها من إسرائيل·
في إطار الموضوع نفسه أضافت صحيفة معاريف ما يمكن اعتباره تلويحاً مباشراً بالتهديد تجاه مصر على المستوى العسكري· فقد ذكرت الصحيفة بعد تصريحات وزير الدفاع مباشرة أنها قد علمت أنه خلال العامين الأخيرين أجريت في الجيش الإسرائيلي تدريبات قامت خلالها تشكيلات عسكرية تضم وحدات من أسلحة قتالية متنوعة بالتدريب على مخططات وهياكل قتالية خاصة في شبه جزيرة سيناء في إطار مناورات تمثل القتال مع القوات المصرية· كذلك ذكرت معاريف أنها علمت أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية استطاعت جمع معلومات تفيد تنامي القوة الب