لا يملك صاحب القلم والريشة واللحن والصورة إلا مفردات إبداعه يحملها نبضه ورسالته لتسافر حاملة جرحه إلى القادرين على صناعة القرار أو المكتوين بنار المعاناة·
رجع الصدى أو التغذية الراجعة بعض من ذلك الزاد العذب والمر الذي ينتظره الكاتب ليرصد من خلاله بعضاً من النبض الذي تدفق به الدم في الشريان·
لقد أثار ما كتبت في الأسبوع المنصرم زوبعة من الانتقادات والتساؤلات التي جاءت من هاتف يئن ونقاش مستهجن وشكوى لا تكن·
سأحاول معكم استعراض بعضها وأعقب على بعضها وأفند بعضها الآخر، لتصبح الصورة أكثر وضوحاً، وحتى لا أترك المجال مفتوحاً للاصطياد في الماء العكر الذي أعتقد أنني قد ألقيت فيه بحجر ثقيل لتتحرك مياهه الآسنة ويعتقد البعض أنه المستهدف من خطاب إعلامي كان يطرح هماً عاماً، وإليكم بعض التعليقات:
الأخ سعيد· م· أ· صديق بيني وبينه احترام متبادل، لم نتواصل منذ مدة لا بالهاتف ولا بالزيارات، هو تقصير أحاسب عليه وأمارسه وأدفع ثمنه، قال سعيد: لقد شخصت المشكلة ووضعت أصبعك على الجرح، وأعتقد أنني عرفت من تقصد، لقد أطلقت أوصافاً محددة على شخصيات مارست العبث في حياتنا الإعلامية العربية، بينما يصر الكثير من المسؤولين عن الأنشطة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية على دعوتهم والتفاخر بوجودهم، مع أن قلوبهم مملوءة بغل أسود تجاه أبناء الإمارات وانجاز أهل الإمارات· وأشار الأخ سعيد والذي لم يك سعيداً أثناء الحديث إلى شخصية حنجورية كنت قد أشرت إليها من طرف خفي في المقال السابق، أشار إلى موقف التقى فيه بهذه الشخصية في بهو أحد الفنادق في دولة قطر،حيث ينزل هذا الزاعق التلفزيوني ضيفاً على برنامج صراخي المنهج·قال الأخ سعيد: لا أعرف كيف امتدت يدي اليسرى إلى منفضة السجائر الزجاجية والتي كدت أرسلها لتهشم وجه هذا الدعي والذي شاهدته لأكثر من مرة وهو يكيل السباب لدولة الإمارات وقياداتها وناسها، ولكن الخالق عز وجل ألهمني بعضاً من صبر، وجنبني مغبة الوقوع في جناية أو مهاترة مع شخص لايستحق أن ترتكب من أجله، لكن ما أغاظني وحرك الدم في أوردتي بعكس اتجاه الجاذبية حتى كدت أصاب بالجلطة القلبية والسكتة الدماغية والغصة الفراغية وفقدان البصر والبصيرة، أن أجد اسم هذا الدعي على رأس قائمة المدعوين، وأن أجد المهللين متجمهرين حوله في بهو الاستقبال، وأن ينال تلكم الرعاية والتكريم من الجهة المضيفة، وتنسى كل إساءاته وتبرعوا بعمليات غسل ذاكرتنا وعلى عينك يا تاجر، والذي لا يعجبه يشرب من البحر على حد تعبير أحدهم·
أخي سعيد: لم يعجبك الأمر ولم يعجبنا، ولكن يبدو أننا ملزمون بأن نشرب من البحر ماء أجاجاً مخلوطاً بألف غصة، وأخشى أن تنفتح السيرة وأن أتهم بالتحريض وخلافه، ولكن حجر أعزل رميته في البركة، وليتحرك الماء الآسن دوائر كبيرة تصنع موجة، ولكن عكس النظريات لن تتلاشى هذه الدوائر لكنها ستشعل للساعين نحو الحقيقة مشاعل للنور أو شمعة في العتمة، وسيكون للكلمة دورها في التغيير·
ابني الصحفي المتحفز سعيد··· أمطرني بسيل من الأسئلة مطالباً بالمزيد من الشجاعة في تناول الموضوع وتسمية الأمور بمسمياتها، مؤكداً أن الهم كبير وكشف المستور في علاقة الإعلاميين الدخلاء على المهنة من صناع القرار يحتاج إلى جهد وصدق نوايا·
ابني سعيد حماسك يذكرني بالخطوات الأولى في عالم الإعلام عندما دخلت تلفزيون أبوظبي مسلحاً بأول بكالوريوس في الإخراج السينمائي في دولة الإمارات، ويذكرني أيضاً بتلك الحرب الشرسة وخيوط المؤامرات التي حيكت إما لاحتواء هذا القادم المشاكس أو إخراجه من الوسط الذي كانت السيطرة فيه لغير المواطنين، وقد كان لهم ما أرادوا· ولكنني صمدت في وجه الأنواء وتسلحت بالعلم ولا زلت رغم كبر السن مشاكساً في الحق، لأنني أدافع عن حقكم كإعلاميين شباب في الوصول إلى سدة صناعة الفكر الإعلامي ولن أترجل قبل أن أسلم الراية خفاقة لشباب أؤمن بقدراتهم·
الأخت موزة والابنة ميساء الفارق بين ثلاثة أجيال مع العطاء الإعلامي لابنة الإمارات علامة على النضج وعلامة على أن هذه الأنثى أو تلك وردة عبير فواحة في أرجاء الوطن، وأن ابنة الإمارات ليست في المجمل فتاة غلاف وموديل إعلانات ومستهلكة لمساحيق التجميل وزائرة مسجلة رسمياً في نوادي التخسيس والرشاقة· ولكنها كاتبة ورسامة ومبدعة، طبيبة ومهندسة وتاجرة، أم ومربية ومديرة مدرسة، هي نهر من العطاء وجدول من العذوبة والرقة وفريق صلب عندما يكون العمل بعضاً من تحدي البقاء· الأخت الإعلامية والصحفية موزة لا أخفيك سراً بأنني أفتقد تلك الأقلام الرقيقة التي تغمس ريشتها في الهم العام وتجوب بكامراتها أزقة وقرى الوطن وتسجل نبض الشارع ولا تضع كتلة من المساحيق لتزيف الوعي· كم أنا وأنت والوطن بحاجة إلى قلم أنثوي حاد صارم يبكي حرقة ويشخص ألماً، المهنة شاقة ولكن ابنة الإمارات من جيل الرائدات ومن الجيل الذي تفتحت أكمامه برعاية أبوية على وطن يحتاج إلى كلمة صدق، هذا الجيل هو الذي سيصنع تاريخ الكلمة ويحدد ملامح الولاء