المفهوم الراسخ حول وظيفة الأمم المتحدة، هو كونها منبراً ديمقراطياً لدول العالم صغيرها وكبيرها، دون فرق أو تمايز· وظلت غالبية العالم تنظر إلى الهيئة الأممية على أنها كذلك، بالإضافة إلى دورها الأساسي والمهم في حفظ السلم والأمن الدوليين وتسوية النزاعات بين الدول بالطرق السلمية، ومنع الاعتداء على الدول وأعمال انتهاك السيادة الوطنية لها·
لكن هل ما زالت بعد غالبية العالم تنظر إلى المنظمة الدولية بالنظرة نفسها؟ لقد تزعزع مفهوم الأمم المتحدة ولم يعد راسخاً وتغيرت النظرة جذرياً إلى دورها في حفظ السلام والأمن الدوليين· وتجلى ذلك في مناسبات وصراعات مختلفة، مثل النزاع العربي-الإسرائيلي، والأزمة بين العراق والولايات المتحدة طوال 12 عاماً، ونزاع كشمير بين الهند وباكستان، ونزاع الصحراء الغربية، والصراعات الحدودية في قارة أفريقيا··· وأصبحت الأمم المتحدة رهينة لمصالح وسياسات الدولة الأعظم في العالم: الولايات المتحدة· وقد حدث ذلك بسبب التركيبة الهيكلية وتوزيع الصلاحيات داخل الهيئة الدولية، حيث تركزت سلطة القرار بيد مجلس الأمن الذي يضم خمس دول أعضاء دائمين هم الأكبر في العالم، حيث مارست هذه الدول في حالات كثيرة، أنواعاً من الصفقات والمقايضة ضد حقوق ثابتة· بينما ظلت الجمعية العامة للأمم المتحدة تزداد هامشية بسبب الطابع غير الملزم لقراراتها· وهكذا أصبحنا أمام أمم تحكم وأخرى محكومة ومهمشة ، وليس أمما متحدة .
عزيز محمد ــ لندن