أسخف ما قيل في منتدى الصحافة العربية الذي اختتم أعماله يوم الأربعاء الماضي في دبي جاء على لسان السيد روبرت منارد رئيس منظمة صحافيون بلا حدود الفرنسية واستغربت كثيرا كيف يكون رئيس منظمة كهذه بتلك العقلية!
ففضلا عن لغته المتعالية و خطبته العصماء التي ربما كان يعتقد وهو يلقيها أنها أول مرة نسمع فيها الكلام الذي ذكره وكأننا نعيش في كوكب غير الذي جاء منه... ولقــــد كشـــــف منارد في حديثـــــه عـــن نظرة قاصرة في باطنهــــا كثيـــر من العنصرية عندما تكلم عن قضية مراسل قناة الجزيرة الزميل تيســــــير علوني وحاول أن يقنعنا بأن عدم تحرك منظمته في هذه القضية كان سليما بحجة أن قضية علوني ليس لها علاقـة بالمهنـــــة ولا بالصحافــــــة ــ وكان يلمح بأن أسباب اعتقاله ترجع لارتباطه بـ القاعدة وعلاقته بزعيمها أسامة بن لادن ــ فالسيد رئيس المنظمة التي يفترض أن تقف إلى جانب علوني كان أول من وقف ضده بل وسبق القضاء الأسباني في إصدار حكمه عليه وإدانته معتبراً أن قضيته ليست مهنية·
أنا شخصيا لا أعرف علوني ولم ألتق به قط كما أنني لا يمكن أن أؤكد انتماءه إلى القاعدة أو أنفي ذلك· ولكن الذي أعرفه أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته··والذي أعرفه أيضا أن قضية علوني مرتبطة بعمله كمراسل صحافي التقى بابن لادن وكانت له علاقة بشكل أو بآخر بأفراد من القاعدة و طالبان وهذا ليس بالغريب· فبحكم طبيعة العمل الذي يمارسه من الطبيعي أن تكون لعلوني علاقة بهؤلاء وغيرهم· فعلوني صحافي وليس خبازا ولا نجارا كما أنه ليس فردا عسكرياً أو شخصية سياسية حتى يحاسب على علاقاته·· وبالتالي كان يفترض أن يكون موقف منظمة صحافيون بلا حدود متجرداً بشكل اكبر مما هو عليه تجاه علوني· إلى أن يعلن القضاء الأسباني حكمه النهائي ويكشف عن الأدلة التي تؤكد تورطه· فحينها سيكون لكل حادث حديث· أما حتى هذه اللحظة فيجب أن يتكاتف الجميع في الوقوف إلى جانب زميل مهنة كانت له مواقفه الشجاعة في أكثر من حرب·
أتساءل لو كان علوني مراسلاً غربياً والتقى بابن لادن أو كانت له علاقة بصورة أو بأخرى بتنظيم القاعدة هل سيكون موقف السيد منارد بهذه الصورة الصارمة ضده والتي جعلته يدافع عن القاضي الأسباني الذي يحكم في القضية ويصفه بأنه قاض معروف عنه النزاهة قبل أن يصدر أي حكم!··
إن ما يلاقيه علوني من القضاء ومن المنظمات الغربية وحتى العربية التي تجاهلت قضيته هو عين الإرهاب الفكري الذي يمس كل صحافي عربي، لذا يفترض أن يقف كل الصحافيين والاتحادات والمنظمات والجمعيات والنقابات الصحافية العربية إلى جانب علوني في محنته احتراما لمهنتنا وقدسية رسالتنا ويجب ألا نتأخر عن مساعدته حتى آخر لحظة نؤمن فيها ببراءته وإلا فلنجلس في بيوتنا وألا نجري أي حوار صحافي مع الشخصيات المثيرة في العالم فقد يكلفنا حوار نجريه مع العقيد القذافي أو الرئيس عرفات أو السيد الترابي أو مع الزعيم كاسترو ثمنا باهظا ونتهم بعده بارتباطنا بالإرهابيين أو الشيوعيين أو الإسلاميين أو الثوريين أو غيرهم·
إننا نسيء إلى نفسنا ومهنتنا كثيراً بموقفنا السلبي من زميل يعاني ونحن نحاول أن نؤكد التهمة الموجهة إليه· فأبسط شيء هو أن نطالب بأن يعامل علوني - وهو مشتبه به لم تثبت إدانته - تعاملاً أكثر تحضراً وأن يفرج عنه بكفالة فهو ليس بقاتل ولا زعيم عصابة··· ونحن لا نطالب بعدم التحقيق معه ومحاكمته ولكن في الوقت نفسه لا بد من مراعاة وضعه كصحافي وعدم سجنه واعتقاله كالمجرمين· وعندما تثبت التهم المنسوبة إليه يمكن محاكمته وللعالم الحق أن يتخذ ضده الإجراء المناسب دون إغفال طبيعة عمله···
هذا ما أريد أن يفهمه السيد منارد رئيس منظمة صحافيون بلا حدود التي لا تتجاوز حدودها القارة الشقراء·· وليس كما ادعى وهو يحاول أن يبرر موقف منظمته السلبي مردداً بأن تضامن الصحافيين العرب مع تيسير علوني قائم على أساس العرف أو الدين دون النظر إلى الأسس والقواعد المهنية للعمل الصحافي على رغم أن تلك القواعد واحدة تربط بين جميع الصحافيين في كل مكان دون نزوع عرقي أو ديني ووصف ذلك بالكارثة على حرية الصحافة·· وهذه كلمة حق يراد بها باطل فموقف الصحافيين العرب من علوني موقف مهني مئة في المئة وعندما تثبت إدانته لن يزايد أحد على حكم القضاء الذي نعتقد بنزاهته ··· ومما سبق يتضح أن موقف منارد مبني على خلفيات مسبقة ويبدو أن رئيس منظمة صحافيون بلا حدود لم يسلم من الحملة الموجهة ضد العرب والتي تتهمهم بالإرهاب·
لقد حضرت جلسات منتدى الإعلام العربي الذي كان حول الإعلام والحرب ولاحظت الجهد الكبير الذي بذل لإنجاحه ولا يمكنني إلا أن أصفق طويلاً للجهد الجبار الذي بذله نادي دبي للصحافة من أجل تنظيمه وإكرام الضيوف على رغم غياب كثير من الإعلاميين المواطنين وعدم تواجدهم إلا في ممرات المنتدى وعلى كراسي الجمهور!
كذلك حضرت حفل توزيع جائزة الصحافة العربية ولمست مدى الجهد المبذول والميزانية التي وضعت لإيصاله إلى هذا المستوى الذي أبهر