تحفظات بعض أعضاء مجلس الحكم الانتقالي العراقي، على مشاركة دول الجوار في عمليات حفظ السلام في العراق، وفي هذا التوقيت بالذات، تبدو في محلها، ومنطقية وعقلانية الى حدد كبير، وينبغي النظر اليها بجدية، نظراً لحساسية وهشاشة الأوضاع الأمنية والسياسية والمذهبية والعرقية السائدة حالياً في وادي الرافدين، اذ أن المطلوب والمرغوب فيه والمقبول عراقيا واقليميا ودوليا الآن هو العمل على إزالة جميع مسببات التوتر، ومساعدة الشعب العراقي على تجاوز المحنة، والشروع في إعادة بناء وطنه· ثمة حقائق وبديهيات لا يمكن انكارها، وتجاهلها والقفز من فوقها، اثرت وتؤثر سلباً وايجاباً في المشهد العراقي، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، منها حقيقة الروابط والصلات، والتداخلات العرقية والثقافية والدينية بين الشعب العراقي والشعوب المجاورة، بحكم الجغرافيا والتاريخ، وما يستتبع ذلك من مصالح حيوية مؤكدة لكل الدول المجاورة، التي تسعى الى تعزيز وتمتين تلك الاواصر والعلاقات، وجعلها اداة ووسيلة للتكامل والتعاون بما يعود بالنفع والفائدة المشتركة عليها وعلى الشعب العراقي.


ان دول الجوار العراقي معنية وبصورة مباشرة بما يجري في العراق لتأثيره المباشر على أمنها واستقرارها ورفاهية شعوبها، ومن شأن كل اسهام ايجابي منها في اعادة الأوضاع الى طبيعتها في الاراضي العراقية ان ينعكس تطوراً في العلاقات الثنائية بينها وبين الدولة العراقية وتقارباً وتواصلاً بين شعوبها والشعب العراقي، ويزيل الكثير من التعقيدات التي يحتمل ان تنشأ جراء اي تصرف متسرع ومتعجل، قد يساء فهمه وتأويله على انه تدخل في الشؤون الداخلية للعراق يهدد وحدته الوطنية وسلامة أراضيه، الامر الذي قد يؤدي الى تكالب دول الجوار الاخرى على التدخل في شؤون العراق تحت مختلف الحجج والذرائع· ان امر حفظ الأمن والسلام في العراق الذي تقوم به حالياً قوات التحالف بموجب تفويض دولي، في طريقه الآن لأن يصبح شأناً دولياً تتولاه الأمم المتحدة من خلال القوة المتعددة الجنسيات المقترحة، وطالما انه لا يزال قيد التشاور والبحث، فإنه لا يحق لأي دولة ان تقرر منفردة ارسال قوات الى العراق، لما لهكذا خطوة من تداعيات سلبية على مجمل الوضع العراقي.


الاتحاد