في زمن الجمود والغيبوبة الطويلة التي تشل حراك الأمة العربية ووعيها، لا زالت الجامعات ربما آخر ساحة للأفكار الوطنية والتيارات التي تتفاعل بحس عالٍ مع أوجاع الأمة وآلامها· في هذه الجامعات هناك شعور غير عادي بالترابط العضوي بين أجزاء الأمة، وبمصيرها الواحد الذي يجب أن تصنعه بإرادة البناء الداخلي ومقاومة العدوان الخارجي الزاحف والكاسح في هذه المرحلة· في شباب الجامعات هناك من الأفكار والطموحات المثالية، ومشاعر العزة الوطنية المتدفقة، ما تحتاجه معظم سياساتنا التي تكلست وأصابها الكساح من جراء الدعاوى الواقعية و العقلانية التي لم تحقق السلام ولم تحرر الأرض ولم تصن الحريات العامة، ولا أفادت في بناء اقتصادات قوية ومتقدمة·
مرّ أوان على الجامعات في مصر وفي لبنان وفي المغرب··· كانت خلاله مهداً لتفاعل الأفكار والتيارات الفكرية والسياسية، وكانت منطلقاً للعديد من الهبات التي قاومت الاستعمار والظلم وتضامنت بقوة وإخلاص مع مصر وسوريا في كل اللحظات الحرجة خلال ا لمواجهة مع إسرائيل·
فإذا كان على الجامعات العربية حالياً أن تخرج طالباً يحفظ دروسه اليومية فقط، أي مشروع تكنوقراطي جامد، أليس من الأجدى تحويلها إلى جوامع ترى وتسمع وتعبر عن هموم الناس··· كما اقترح ذات مرة المفكر الجزائري الراحل مالك بن نبي؟!



غازي محمد ــ الأردن