بين شك أميركا... والشعب الذي يدفن حياً


انتخابات الشيشان على الطريقة الروسية ، ومأزق الرئيس بوش الذي يهدد بأن يتحول إلى بداية لطقوس العبور خارج البيت الأبيض، والعلاقات المرتبكة على جانبي الأطلسي، موضوعات نجمع عنها قصاصات من صحافة باريس هذا الأسبوع.


شعب يدفن حياً



تحت هذا العنوان كتب أندريه جلوكسمان في لوموند مقالاً مؤثراً عن مأساة الشعب الشيشاني الذي دمر بوتين عاصمته غروزني في حرب بدأت احتفالاً بسنة 2000 وقضت على آلاف، وشردت مئات الآلاف· والمفارقة أن الشيشان تشهد اليوم الأحد 5 أكتوبر انتخابات مثيرة للجدل بما للكلمة من معنى· فالمرشح الوحيد عملياً المفتي السابق أحمد قادروف يراد له أن يعطي ديكوراً ديمقراطياً للسلطة الروسية في الشيشان· لكن المشكلة أن اللعبة لا تخدع أحداً، لا الشيشان ولا الروس، ولا حتى بقية الأوروبيين· فالكرملين -يقول الكاتب- استبعد كل المرشحين الجديين، وأطلق يد ميليشيا قادروف الـ5 آلاف، والجنود في الإقليم وهم ما بين 40 و80 ألف جندي، ليتكفلوا بالباقي· وفي مجلة الأكسبريس كتبت سيلفين باسكيه مقالاً بعنوان: انتخابات على الطريقة الروسية مؤكدة أنه إلى جانب مشاركة عشرات آلاف الجنود فإن هنالك مفارقة عجيبة، فعدد الناخبين الشيشان المسجلين هو الآن 545 ألف ناخب، في حين كان سنة 1997 عددهم 513 ألف ناخب، وبالتالي تكون الشيشان هي المنطقة الوحيدة في العالم التي تعرضت لحرب طاحنة أبيد فيها عشرات الآلاف، وهجر مئات الآلاف، وتحولت العاصمة إلى خراب حقيقي، ومع ذلك ازداد عدد الناخبين بشكل ملحوظ.


الأرملة السوداء



وفي لوموند أيضاً تعرض صوفي شهاب تحقيقاً مطولاً عن دور المرأة الشيشانية المتزايد الآن في أعمال المقاومة، وتفرد مقابلة مع ثلاث فدائيات (Chahidki)، مبرزة الدوافع التي دفعتهن إلى حمل السلاح والاستعداد للتحول إلى قنابل بشرية مدمرة في وجه القوات الروسية، وقد اختارت الكاتبة للمقال عنواناً لا يخلو من دلالة هو الأرامل السود · وترى لوموند أن مشكلة انتخابات الشيشان الآن ليست فقط لا ديمقراطيتها وإنما أيضاً استمرار الكرملين في الوفاء لتقاليد الاستئصال الروسية ضد الشعب الشيشاني.


أميركا... تشك



في صحيفة لوموند جاءت افتتاحية 3/10 تحت عنوان: أميركا تشك لتتوقف مع دلالات استطلاع للرأى العام الأميركي أجرته نيويورك تايمز و سي بي أس و نيوزبول والذي أكد بداية تحول كبير في توجهات الرأي العام،حيث عبر أكثرية الأميركيين 53% لأول مرة منذ بداية الحرب على العراق، عن عدم ثقتهم في توجهات الإدارة أو شكهم على الأقل في فاعليتها· وترى الصحيفة أن توالي الأخبار السيئة من العراق، وإعلان ديفيد كاي والمفتشين الأميركيين والبريطانيين إخفاقهم في العثور على أسلحة الدمار الشامل وتفاعلات قضية ويلسون، وإخفاق مساعي الرئيس بوش حتى الآن في مجلس الأمن بعدم إجازة مشروع قراره المعدل الأخير من قبل فرنسا وروسيا، كلها عوامل هيأت أسباب هذا التحول الكبير في اتجاه الرأي العام الأميركي· والمفارقة -تقول لوموند - أن بوش يظن الآن أنه يقترب من إمكانية إعادة انتخابه مرة أخرى في البيت الأبيض، في حين أن كل يوم يمر يجعله يفقد فرص البقاء فيه بشكل واضح لا لبس فيه.


اصطدام قطارين



في مجلة لونوفل أوبسرفاتور كتب فيليب بوليه جيركور تحت عنوان: هؤلاء الجمهوريون الذين يخذلون بوش مؤكداً أنه في الوقت الذي يبدي فيه الرئيس بوش الآن رغبة في إشراك الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في الملف العراقي، فإن أميركا نفسها بدأت تخذله·
والحقيقة -يقول الكاتب- أن ما يحصل الآن هو نتيجة حتمية لصراع تيارين في واشنطن· فمن هناك انطلق قطاران بسرعة فائقة، وبعد أن سارا بالتوازي طويلاً، اصطدما بشكل مريع في الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخيرة· إنهما سياستان خارجيتان أميركيتان متناقضتان حيناً ومتنافستان حيناً آخر· أما خسائر حادث الاصطدام فواضحة -يقول جيركور: بيتٌ أبيض يتسابق الجميع إليه، ويتحول شيئاً فشيئاً إلى بنتاجون آخر، وجورجٌ بوش غير مفهوم في الخارج، ويزداد ضعفاً في الداخل، وتتناوشه وسائل الإعلام دون رحمة· وزاد الأمور تعقيداً خطابه المخفق في الجمعية العامة حسب الواشنطن بوست ·
ويوضح كاتب المقال أن أحد القطارين في السياسة الأميركية يقوده بعض الجنرالات في البنتاغون وباول وأرميتاج، وهو المتجه إلى إشراك الأمم المتحدة وتجاوز الأحادية و الحرب الاستباقية ، أما القطار الثاني فتملكه شركة يمكن تسميتها شيني ورامس-فيلد وولفوفيتز وإخوانه ، التي لا تريد للأمم المتحدة إلا دوراً من أدوار خادمات ما بعد الحرب المكلفات ب