تنتظر الحكومة الفلسطينية الوليدة المصغرة أو حكومة الطوارىء التي أعلن عن تشكيلها بالأمس أحمد قريع أبو العلاء وأقرها مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مهام صعبة في مقدمتها توحيد الصف الفلسطيني بكافة أطيافه السياسية والفصائلية أمام البلدوزر الإسرائيلي الذي يستغل الثغرات على الساحة الفلسطينية والعربية ويحقق المزيد من المكاسب على الساحة الدولية ويحصد المزيد من الدعم والتأييد الاميركي.
والمراقب للوضع المتأزم في الأراضي الفلسطينية يرى بوضوح أن التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني ليس مرده فقط عمليات التفجير داخل الخط الأخضر واختراقات الهدنة كما يحلو لشارون وحكومته الترويج لذلك بهدف حشد الرأي العام الدولي وتضليل الإدارة الاميركية التي تغض الطرف عن الأفعال الإسرائيلية العدوانية ضد الشعب الفلسطيني الذي يعاني الأمرين من الاحتلال وآلته الحربية التي لا ترحم ولا تفرق بين امرأة وشيخ مسن أو طفل ،بل هناك ثغرات أخرى يتسلل منها شارون والحكومة الإسرائيلية للبطش بالشعب الفلسطيني وهدم المزيد من البيوت واقتلاع المزيد من الأشجار وقضم الأراضي.. وفي مقدمة هذه الثغرات غياب الرؤية الفلسطينية الواضحة للتعامل مع المرحلة الراهنة بكل معطياتها الدموية والمأساوية والتي يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني بشكل يومي وكذلك غياب الرؤية الواضحة لاستثمار ما حققته الانتفاضة الفلسطينية من ايجابيات وهي تمضي في عامها الثالث معمدة بمزيد من دماء الشهداء والخسائر المادية ،والعمل على تجنب السلبيات سواء على صعيد العمل السياسي أو الميداني.
رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف أحمد قريع يواجه خيارات صعبة أمام الواقع ''المر'' الذي تشهده الساحة الفلسطينية حاليا وأمام إصرار حكومة شارون على عدم الالتزام بمسيرة السلام والاتفاقات التي دفنها تحت جنازير الدبابات والجرافات وكذلك أمام غياب أي موقف أميركي جاد يعيد عملية السلام إلى جادتها الحقيقية وبما يشعر إسرائيل أنها أمام استحقاق لابد أن تدفعه بعد تسويف ومماطلات أعادت القضية الفلسطينية والمنطقة إلى المربع الأول.
ولكن يبقى الاستحقاق الأهم أمام حكومة قريع وكذلك امام جميع الفصائل والتيارات الفلسطينية ،الخروج بلغة مشتركة وموقف موحد أمام شارون والرأي العام الدولي وعدم إعطاء الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة الفرصة في قضم المزيد من الأراضي وقتل المزيد من أبناء الشعب الفلسطيني وهذه المسؤولية لا تتحملها حكومة قريع المصغرة بل يتحملها الشعب الفلسطيني بكافة فصائله وأطيافه السياسية لأن المرحلة لا تحتمل المزيد من الخلافات والانقسامات بل تحتاج المزيد من التنسيق والتلاقي لتفويت الفرصة على العدو ودفع المجتمع الدولي وعلى رأسه الإدارة الاميركية إلى التحرك للجم التطرف والإرهاب الإسرائيلي.