يمر الفلسطينيون الآن بمحنة مؤلمة· وهم في صراع مواجهة مع عدو يستحوذ لصالحه على موازين القوة المجردة الضاربة، أما هم فلا يملكون خياراً في هذه المعركة الأكثر شراسة منذ حوالى نصف قرن سوى التعويض عن فجوة القوة من خلال مبدأ الإرادة المتفوقة· فجدار الفشل الذي انتهى إليه مشروع أوسلو ، إضافة إلى سياسة كسر العظم التي تتبعها الحكومة الليكودية بقيادة أرييل شارون، يضعان الفلسطينيين أمام تحد يفرض عليهم اعتماد أساليب ووسائل غير تقليدية في مواجهة الآلة الإسرائيلية التي يفتقدون نظيرتها في التطور والقوة والكفاءة·
وإذا كان الفلسطينيون يقفون اليوم على خط مواجهة ينذر، فيما يبدو لنا، بعواقب وخيمة خطرة ومحزنة، فإنهم وحدهم منا نحن معشر العرب، من يمكنه التحدث عن مستقبله بثقة أكبر ورؤية أكثر وضوحاً· ففضلاً عن كونهم يدافعون، نيابة عنا جميعاً، عما تبقى من شيء اسمه الكرامة العربية ، فإنهم يحوزون على الاحترام في نظر العالم، ولو أن مواقفه السياسية رهينة قرارات تتملق الصهيونية· وفضلاً عن ذلك، ربما هم الشعب العربي الوحيد الذي حسم خياراته في المستقبل، وقرر معاينته بنفسه مباشرة، دون توسط أية عناصر خارجية في الرؤية وفي الفعل، وذلك هو القرار الأصوب في ليل عربي لا ينتظر بزوغ فجر في آخره· وأين آخره؟.
سامي جميل - العين