.. حركة التمرد والعصيان على أوامر القيادة الليكودية المتعطشة للدماء والآخذة في التوسع بين جنود وضباط الجيش الإسرائيلي تكشف جانبا من الأزمة السياسية والأخلاقية التي تمسك بخناق إسرائيل جراء استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية والعربية وبلوغ جرائم شارون وزمرته مستوى غير مسبوق من البشاعة والفظاعة إلى درجة هزت معها الضمير النائم لجيش لم تعرف عنه نزعة إنسانية منذ تشكيله من بقايا عصابات شتيرن وزفاي وهاجاناه وارجون في أربعينات القرن الماضي.
.. الجديد في هذه الحركة أنها اندلعت من قلب سلاح الجو الذي يعد المحرك الرئيسي لآلة العنف والقتل والدمار الإسرائيلية محدثة إرباكا وتشويشا على خطط شارون لقضم وضم الأراضي المحتلة واستئصال وتصفية ر موز العمل الفلسطيني المقاوم لكنها لم تصل إلى حد وقفها وحمل ساسة إسرائيل على التجاوب مع جهود التسوية السلمية للصراع لتبقى مجرد ململة وتذمر وصحوة ضمير من ضباط وجنود هالهم ما يورطهم شارون فيه من قذارة عسكرية وأخلاقية يرى فيها وسيلة لإشباع رغباته ونزعاته الشريرة .
لقد ظهرت حركة التمرد والعصيان التي تأخرت كثيراً، التي تجاوز عدد المؤيدين لها من الضباط العاملين في الأرضي المحتلة الخمسمائة، أن العنف الذي يمارسه شارون ضد الشعب الفلسطيني قد احدث تصدعات وشروخا عميقة في المجتمع الإسرائيلي وفي داخل مؤسسات الدولة العبرية التي كان يعتقد أنها آلات صماء تنفذ ما تؤمر بتلقائية أشبه بكبسة زر وأنها محصنة من أي مؤثرات أخلاقية وإنسانية تعيقها عن أداء المهمات التي يكلفها بها السياسيون، حتى ولو كانوا معتوهين من أمثال شارون وموفاز وغيرهما، كما أن شرائح واسعة من المجتمع الإسرائيلي بدأت تتذمر علنا من دوامة العنف، وترفض إرهاب الدولة الرسمي الذي تمارسه المؤسسات الحكومية وعلى رأسها الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى ضد أبناء الشعب الفلسطيني.