للمشاركة السياسية أسسها التاريخية التي يجب أن يتوفر عليها أي مجتمع حتى لا يقع في تكرار التجارب التي أرادت تطبيق نظرية حرق المراحل فجنت آلاما وألوانا من التفسخ الداخلي ليس لها حد·
فالديمقراطية هي سليلة لمشروع الحداثة الذي عرفه الغرب منذ القرن السادس عشر، وما واكبه من تحولات فكرية واجتماعية واقتصادية، لم تسبق فيها مرحلة الأخرى إلا لتمهد لها طريق التطور نحو حالة أكثر رقيا وأكثر انضباطا· فلعب التصنيع ونشوء المدن دورا كبيرا في نشوء الطبقة البورجوازية التي قادت الحداثة· وتآزر دور البورجوازية ومطالبها في التحرر السياسي والاجتماعي مع الدور الذي لعبه مفكرو العقد الاجتماعي ثم فلاسفة الأنوار· ثم دفعت الثورة الفرنسية بمشروع الحداثة الغربي عامة، نحو خطوة واسعة في مجال التمثيل النيابي والمشاركة السياسية وحقوق الإنسان·
وتبرز المقارنة بين عوامل الحركة التاريخية التي بدأت بالصعود في أوروبا منذ أربعة قرون، نحو الديمقراطية والمشاركة السياسية، وبين واقعنا العربي الذي يفتقد الكثير من الشروط التاريخية للتحول نحو أنظمة حكم ديمقراطية، أننا مازلنا بحاجة ماسة إلى أنظمة حكم رشيدة، تحظى بنوع من الرضا العام، وتستطيع الحفاظ على ما هو أهم، أي الوحدة الوطنية لمجتمعاتنا ذات البنى الفسيفسائية المجزأة.
عمران خير الله ـ قطر